عرض المقال
الكبد المصرى قضية أمن قومى
2013-04-16 الثلاثاء
فيروس سى قضية أمن قومى! قالها لى أستاذ الكبد الشهير أشرف عمر بحرقة وألم، وعندما سألته: كيف؟ رد قائلاً: عندما تُسد الطرق أمام مريض فيروس سى الفقير الغلبان فيريد العمل فى الداخل فتلفظه الشركات وتطرده بعد إجراء التحاليل فيصبر ويقول مافيش لقمة عيش فى بلدى أسافر أشتغل مرمطون أو خدام برّه عشان أجمع فلوس العلاج وأصرف على بيتى فترفضه السعودية ودول الخليج، فلن يبقى أمامه إلا طريق واحد وهو أن يتحول إلى بلطجى، مريض فيروس سى من السهل جداً أن يتحول إلى مريض بدرجة بلطجى، وهذه هى البلطجة الحلال. نحن الدولة العبقرية الوحيدة فى العالم التى كان من الممكن أن ينتهى وينقرض هذا الفيروس اللعين منها بعد موت مرضى البلهارسيا القدامى الذين حُقنوا بحقن الطرطريك الكارثية غير المعقمة، ولكنها أصرت بعبقرية وعناد على أن يظل فيها هذا الفيروس بحكم العشرة، وأنتم تعرفون أن العشرة لدينا لا تهون إلا على أولاد الحرام، ونحن أبناء هذا الوطن أبناء حلال مصفى! نتيجة ممارساتنا الخاطئة العشوائية بداية من الحلاق وانتهاء بطبيب الأسنان ظل فيروس سى ينهش فى أكباد المصريين وبمعدل غير مسبوق فى العالم، واحد من كل خمسة مصريين يسرى فى دمه هذا الفيروس اللعين والذى عندما يدمر الكبد لا يكتفى بالتليف ولكنه يتحول إلى سرطان كبد، نحن أيضاً نملك أعلى معدلاته فى الكون وفى المجرة! مرضى التليف الكبدى لا يذهبون للمتابعة فلا نستطيع الاكتشاف المبكر للسرطان فيأتى المريض إلى الطبيب بعد فوات الأوان. حالات كثيرة من الممكن أن ينفعها التردد الحرارى والأشعة التداخلية ويُشفى المريض بنسبة 100%، ولكن الإهمال وعدم الوعى وقلة الثقافة الطبية واعتماد المريض المصرى على وهم الأعشاب وبول الإبل وغيرها من الأساطير يجعل سرطان الكبد فى مصر قضية أمن قومى لا بد أن تكون على رأس أولويات المجتمع خاصة أن فيروس سى يصطاد ضحاياه من الشباب، من سن الإنتاج والحيوية، من سن العطاء، يتحول هذا المريض إلى مشلول عضوياً واجتماعياً ونفسياً. ما حدث من ثورة بعد تطعيم فيروس بى أنقذ مصر من كارثة محققة كانت ستحول هذا الشعب كله إلى معاقين فى غيبوبة مزمنة، ولا بد أن تحدث حملة واسعة للتنبيه على الكبار وليس الأطفال فقط ممن لم يطعموا ضد فيروس بى أن يذهبوا لمعمل المصل واللقاح للتطعيم ضد فيروس بى حتى لا تعود الكارثة وتصبح كارثتين. يجب على كل شركات الأدوية العالمية والمصرية أن تتحد وتتكاتف للقيام بحملة توعية ضد فيروس سى وإعلان مصر دولة موبوءة بلا خجل أو تعال أو إخفاء الرؤوس فى الرمال، نحن فى وباء حقيقى لا تنفع معه المسكنات، ولكى يحس العالم بنا لا بد أن نخرج لنعلن لهم أننا وطن فى وباء مثلما حدث فى أفريقيا بالنسبة للملاريا والإيدز، لا بد أن نعترف بأننا لا نستطيع الاعتماد على أنفسنا لمواجهة هذه الكارثة، ونبطل فشخرة كدابة ونقول نحن فشلة يحكمنا فاشلون.